من غيرِ مَرسى/ جورج عازار



عيناكِ بِحارٌ

وقلبي سفينةٌ

كيف العبورُ

والهُدْبُ تُطفِئُ كُلَّ المناراتِ

وتوصِدُ بوَّاباتِ المرافئِ

...

أسوارُكِ شاهِقةٌ

وما تبقَّى لي من الصَّبوةِ

غيرُ شَهقةٍ

لا تقوى على ارتقاءٍ

ولا على صُعودِ طودٍ

ولا حتَّى رابيةٍ

...

في صَقيعِ الغُربةِ

نُزوعٌ إلى دِفءِ أنفاسِكِ

والرُّوحُ ظَمأى إلى عِناقٍ

فهل يُذيبُ الجَليدَ

حَريقُ المَسافاتِ

...

لا الأمسُ أودى بذاكِرتي

ولا اليومُ يجتاحني فيه سَهوٌ

ولا الغَدُ فيه

إِغفالٌ ولا سُلوانٌ

كيف يستوي الأمرُ

يا معشوقتي

حين يصيرُ ابتغاءُ النِّسيانِ

صلواتٍ وابتهالاتٍ ودُعاءً

...

أينما صَوَّبتُ ناظري

فثمَّةَ وجهُكِ الفتَّانُ

في صباحاتي نورُ الضياءِ

وفي الأمسياتِ هَجْسُ القَمرِ

ووشوشاتُ السَّماءِ

...

تنهارُ كُلُّ المعاييرِ

وكُلُّ القوانينِ تُخفِقُ

فكيف يكونُ المَرءُ موجوداً

وهو يغيبُ

فلا الهجرُ بُعادٌ

ولا الدُنُو يُفتقدُ

...

في سوادِ عينيكِ

كهوفٌ وعَتمةٌ

وفي حَرَمِ الحُزنِ

مطراً يُصبحُ الدَّمعُ

من غيرِ شُموعٍ

أتوكَّأُ على عُكازي

وبَعضٍ من ذِكرياتي

في دُروبِك الوعرةِ

...

أنا الابنُ الضَّالُّ

أعودُ إليكِ

بعد فَواتِ الأوانِ

بِوجهٍ مُغضنٍ

يروي تُراثاً وتَاريخاً

وبِسالِفٍ فِضيٍّ يُضيءُ

على المدى

حين يموتُ البريقُ


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق