لبنان المزرعة أصبح غابة للوحوش الضارية/ فؤاد الحاج

 


بما أنني لا أحب الفذلكات الإنشائية، لأنني أنطلق من واقع عايشته طيلة سنوات عمري، لأنني لست محلالاً سياسياً ولا خبيراً استراتيجياً كما يدعي الذين يتبارزون على تحليل الوقائع في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق، وبما أنني لست أهلاً لذلك، سأكتب بقلم مواطن محب لوطنه الأم ولشعبه ولإنسانيته، عاش حياته يحلم بغد ومستقبل أفضل لأمة كانت من خير الأمم ثم انحدرت لتصبح كرة قدم في ملعب الأمم، في ظل كابوس حروب كما يبدو أنها لن تنتهي؟ 

تجار الكلام والبيانات والمحللين السياسيين، والخبراء العسكريين، والإعلاميين، ورافعي الرايات المختلفة الألوان والكلمات، هم أكثر من تاجروا بالقضايا العربية وفي مقدمها قضية فلسطين، الذين ظهروا ويظهروا عبر شاشات المحطات المرئية، ولنا بما جرى ويجري في فلسطين وما جرى في لبنان والعراق وسوريا والسودان من شهداء وجرحى، ودمار هائل طيلة السنة المنصرمة، كل ذلك جرى ويجري بسبب هلوسة "التحرير" و"المساندة". ولنا أن نسأل ماذا استفاد منها الفلسطينيون واللبنانيون تحديداً؟ الذين سقط منهم عشرات آلاف الشهداء ومثلهم من الجرحى، ومن النازحين والمهجرين، إضافة إلى خسائر اقتصادية بمئات مليارات الدولارات، من ضمنها عشرات مليارات الدولارات من أجل إعادة إعمار ما خربه الأشرار. 

أكتب هنا عن لبنان كمثال لمزرعة أصبح غابة للوحوش الضارية التي تتكالب عليه من كل حدب وصوب، مثل بقية البلدان التي ذكرتها والتي تتناهشتها الوحوش الضارية، وتتقاسمته فيما بينها، باسم الطائفية والمذهبية والمحاصة السياسية، طيلة أربعين عاماً على الأقل ولم يزل هذا اللبنان وليمة على طاولات مجلسي النواب والوزراء الذين يتناهشونه فيما بينهم باسم الميثاقية والوحدة الوطنية، بينما شعبه يئن من ثالوث الجوع والمرض والفقر ونوابه ووزراءه يعيشون في قصورهم الفارهة بحمايات مسلحة من رعاع الشعب، تلك القصور التي تحتوي على ما لذ وطاب من مأكولات مستوردة، ولديهم أطباء متخصصون في كافة العلاجات، وفي حال أصيب أحدهم بصداع يتم تحويله فوراً إلى المستشفيات الأوروبية والأميركية للعلاج! 

إننا اليوم ننتشر على الطرقات وفي شوارع الاغترابين الداخلي والخارجي، نبحث عن وطن كان مزرعة أصبح في الواقع غابة للوحوش الضارية، يأكل فيها القوي الضعيف، وشعب لبنان بات كالقطعان التي يقودها جرس العصبية والطائفية والمذهبية النتنة، شعب لا يعلم إلى أين تقوده تلك الوحوش الضارية، شعب مريض بعبادة الفرد الذي يشتريه بحفنة من الدولارات، شعب لا يبتسم إلا ليسخر من واقعه الأليم، دون أن ينسى أنه يعيش في غياهب الأحزان. 



CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق