لا شك ان اعتقال اثنين من المراهقين في سدني أثبت مدى جدارة وأهمية ما تقوم به الشرطة والأجهزة الأمنية في إجهاض الخطط الإرهابية المفترضة.
أظهرت عملية الإعتقال نجاح الأجهزة المشاركة حيث لم يتعرض للأذى أي عنصر من الشرطة أو أبناء المجتمع ِأو المعتقلين.
من المؤسف أن لا تحقق جهودنا بعد الإعتقال نفس مستوى النجاح لمحاربة التطرف كنجاح التحريات السابقة لعمليات الاعتقال.
ذكرت وسائل الإعلام أن هناك شبكة من المتطرفين على علاقة بالمراهقين الضالعين في آخر مؤامرة مفترضة وهذا ما تركز عليه التحقيقات حيث تحاول السلطات التأكد إذا ما كان هناك أية روابط بين المعتقلين وأشخاص يدعمون الإرهاب.
تعي الشرطة والأجهزة الأمنية أن التحقيقات التي تقوم بها تنفّر الجالية الإسلامية، حيث تتم تلك التحقيقات بجوّ من انعدام الثقة الكبير بين الأجهزة الأمنية والجالية الإسلامية على الرغم من أن الرسالة لا لبس فيها بأن الشرطة تحقق بقضايا جرائم جنائية وليس مع عائلات أو جالية أو دين.
إن الإتجاه نحو التطرف هو مسألة شخصية، ولكن هناك قاسم مشترك وعوامل مؤثرة تتأتى من أمور مثل العزلة، الحرمان، الإبتعاد عن المجتمع والصحة النفسية للشخص.
لقد تمّ انتقاد عائلات وأصدقاء الشابَّيْن المتّهَمَيْن بأنهم مسلمين محافظين، لكن أن تكون مسلماً محافظاً لا يحوّلك إلى متطرف وعنيف أو إرهابي، وهنا يجب على الشرطة والأجهزة الأمنية وأبناء المجتمع ووسائل الإعلام عدم الخلط بين الممارسات الدينية المحافظة مع العنف والتطرف.
عندما وقفت جيل هيكسون ران زوجة رئيس ولاية نيوسوث ويلز الأسبق نيفل ران إلى جانب ابنتها هاريت بعد أن أدينت بتهمة المشاركة في جريمة قتل وسرقة، لم يكن هناك أي نوع من الإنتقاد أو الغضب الشعبي لأن هذا ما يفعله الأهل بشكل تلقائي.
لكن تجربة عائلات وأصدقاء الأشخاص المتهمين بالإرهاب مختلفة واعتبر حبهم لأولادهم على أنه دعم ضمنيّ للإرهاب، وتقريباً هذا غير صحيح على كل حال.
على مدى خمسة عشر عاماً كانت هناك أصوات تنتقد الجالية الإسلامية لأنها لا تدين بشكل علني الإرهاب بعد أي عملية إرهاب أو اعتقال أي من المشتبه بهم، وهناك من يجادل بأن عدم تنديد المسلمين بعمليات الإرهاب بأنهم يدعمون العنف والتطرف، وهذا ما بُنِيَ على مغالطة بأن المسلمين يدعمون الإرهاب.
ولكن المفاجأة أن عائلات وأصدقاء المشتبه بهم يقولون أن أبناء الجالية المسلمة تخلّوا عنهم ويديرون لهم الظهر، وهناك العديد من المسلمين الأستراليين وغيرهم من أبناء المجتمع الأوسع قد يرحبون بهكذا تصرّف.
لكن هذا ما يساعد الجماعات الإرهابية، حيث يتمّ عزل المجنّدين المحتملين عن شبكات الدعم في المجتمع، وهذا التصرّف يعزز لدعاية الجماعات المتطرفة بأن الغرب يضطهد المسلمين، وهذا ما يعزز أيضاً نظرية معاملة المسلمين الأستراليين من وجهة نظر أمنية فقط حيث ينظر إلى النشاطات والأعمال الخيرية على أنها أعمال مثيرة للشبهة.
هناك البعض من المسلمين الأستراليين الذي يحاولون كسر دوامة الإعتقال والعزلة.
يجب دعم المسلمين الذي زاروا عائلات المتهمين بالإرهاب مؤخراً في سدني. لأن هذا التواصل يلعب دوراً مهماً في الحدّ من الاتجاه نحو التطرف ويجب أيضاً عدم النظر إلى الجهود لمساعدة العائلات التي تعاني من الحزن والقلق والعزلة على أنه دعم للإرهاب.
إن الأشخاص الذين يدعمون العائلات المعرّضة للعزلة يحب دعمهم من خلال تدريبهم وإرشادهم للحصول على الخدمات الحكومية المتعلقة بالسلامة الشخصية والصحية النفسية والإرشاد للتغلب على مشاكلهم.
ينبغي على حكومة تيرنبول أن تأخذ بعين الإعتبار أذا كانت برامج التماسك الإجتماعي تقوّض بطريقة لا داعي لها جهود محاربة التطرف والعنف، حيث يبدو وبشكل واضح أنها مرتبطة مع الشرطة والأجهزة الأمنية الوطنية.
إذا ما ثبت أن الشابين المتّهمين مذنبان، فأنه من المرجح أن يمضوا فترة طويلة في السجن وهذا ما سيكون له تأثير مدمّر على حياتهما وحياة عائلتيهما، أما في حال تبرئتهما فيبدو أن التهمة سوف تلاحقهما مثل قصة قابيل وتشكّل وصمة لهما بين أبناء الجالية المسلمة والمجتمع الأسترالي بشكل عام تلاحقهما حتى مرحلة الرشد.
وهذا ما يشكّل مأساة لنا جميعاً خصوصاً إذا لم نغيّر أسلوبنا بعد الإعتقال ونعزز جهودنا لمحاربة العنف والتطرف حيث من المحتمل أن نشهد المزيد من المآىسي.
د. جون كوني (رئيس معهد السياسية الاستراتيجية وأمن الحدود الأسترالي.)
لاديا شيلي (محامية وناشطة أجتماعية.)
المقال من صحيفة سدني مورنيغ هيرالد 24/10/2016 صفحة 16 النسخة الورقية.
ملاحظة من المترجم أن العنوان والمقالة على الموقع الإلكتروني للصحيفة مختلفين بعض الشيء عن عنوانها ومضمونها على النسخة الورقية.
ترجمة: عباس علي مراد
0 comments:
إرسال تعليق