أكثر من مقالة كتبت حول ضرورة مطالبة بريطانيا بتحمل مسؤولياتها التاريخية والسياسية والأخلاقية تجاه ما لحق بشعبنا من نكبات ومظالم مستمرة حتى يومنا هذا،فبريطانيا هذه الدولة الإستعمارية المارقة،هي المسؤول الأول والمباشر عن زرع دولة الإحتلال الإسرائيلي على أرض شعبنا وفي خاصرة امتنا العربية،ونتيجة لذلك لم يتعرض شعبنا لنكبة واحدة بإحتلال أرضه وإحلال المستوطنين الصهاينة مكانهم بعد طردهم وتهجيرهم قسراً عن ديارهم عام 1948،بل ما زالت نكباتنا مستمرة ومتواصلة،وما زالت بريطانيا الإستعمارية تدعم دولة الإحتلال الصهيوني،فاليهود عندما تعرضوا لل"الهولوكست" على يد النازية،ما زالت المانيا تتحمل تبعيات ذلك حتى اليوم وتدفع لهم التعويضات المالية وتقدم المساعدات بشتى انواعها المدنية والعسكرية لدولة الاحتلال،وأعترفت بالمسؤولية السياسية والأخلاقية والتاريخية،عما لحق باليهود من جرائم على يد النازية.
أما نحن الفلسطينيون،فما زالت بريطانيا،ترفض تحمل مسؤولياتها التاريخية والسياسية والأخلاقية عما حل بشعبنا الفلسطيني،نتيجة ما سمي بوعد وزير خارجيتهم بلفور لرجل الاقتصاد والمال اليهودي روتشيلد،بمنحهم فلسطين أرضنا كوطن قومي لهم،ولذلك نحن كشعب فلسطيني علينا في الذكرى المئوية لهذا الوعد المشؤوم،القيام بإطلاق حملة واسعة تمتد من 2/11/2016 وحتى 2/11/2017 وتشمل فعاليات متنوعة تستمر على امتداد عام كامل لوضع المجتمع الدولي وخاصة بريطانيا أمام مسؤولياتها التاريخية ودعوتها للتكفير عن الجريمة الكبرى التي ارتكبتها، ورفع الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني. ورفع قضايا عليها تلزمها بدفع تعويضات لمئة عام قادمة عما لحق بشعبنا من ظلم واضطهاد،وهذا لن يتاتي إلا من خلال استنفار كل طاقات وإمكانيات شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج بقواه السياسية ومكوناته المجتمعية والمؤسساتية والشعبية والجماهيرية،عبر فعاليات متعددة ومتنوعة يتكاتف ويتقاطع فيها الجهد الشعبي والرسمي،من اجل محاكمة بريطانيا وإلزامها ليس فقط بدفع التعويضات،بل تصحيح هذا الخطأ التاريخي والعمل على تمكين شعبنا الفلسطيني من تحقيق حلمه وحقه في دولة مستقلة على أرض أرضه التي طرد وهجر منها.
وعد بلفور هو في الجوهر مشروع استعماري ألبس غطاء دينياً وأسطورياً زائفاً بهدف تحقيق المطامع الاستعمارية لبريطانيا وربيبتها الحركة الصهيونية، والتي لا تزال حتى الآن من خلال مشروعها الكولونيالي ( دولة إسرائيل) مرتبطة بمصالح الرأسمالية المتعولمة المتوحشة وزعيمتها الحالية الولايات المتحدة الأميركية.
في الذكرى المئوية لهذا الوعد المشؤوم،نجد بأن بريطانيا ما زالت من أكثر الدول عداءاً لشعبنا وتنكراً لحقوقه الوطنية المشروعة،ونحن نتذكر جيداً كيف عملت بريطانيا على تعديل قوانينها وتشريعاتها القضائية،من اجل منع اعتقال ومحاكمة قادة الإحتلال العسكريين والسياسيين وضباطه وجنوده ومستوطنيه المتهمين بإرتكاب جرائم حرب بحق شعبنا،على الأراضي البريطانية،وكذلك هي من هددت نشطاء المقاطعة بالإعتقال،واعتبرت مقاطعة دولة الاحتلال اقتصادياً واكاديمياً وثقافياً وتجارياً ..الخ،شكلاً من أشكال اللاسامية.
ودائماً وقفت الى جانب أمريكيا برفض ممارسة أية ضغوط او عقوبات على إسرائيل،نتيجة لخرقها للقانون الدولي وعدم إلتزامها وتطبيقها للإتفاقيات والمواثيق الدولية،واستمرار إحتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة،وتكثيفها للإستيطان بشكل جنوني في القدس والضفة الغربية،وبما يلغي أي إمكانية عملية لتحقيق ما يسمى بحل الدولتين.
وهي لم تتورع عن وصف نضال شعبنا ب"الإرهاب"،حتى في ظل الحرب العدوانية الأخيرة على شعبنا في قطاع غزة تموز /2014 "الجرف الصامد،وجدنا قاتل أطفال العراق والمبعوث الخاص السابق للرباعية الدولية في المنطقة، توني بلير،ذهب لكي يتضامن مع مستوطني غلاف قطاع غزة ضد "الإرهاب" الفلسطيني في نصرة ودعم للجلاد على الضحية،ولذلك علينا ان لا نألو جهداً مع كل اصدقاءنا في العالم، من أجل خلق رأي عام ضاغط على بريطانيا،حتى في بريطانيا نفسها،لحملها على تصحيح خطئها التاريخي،وإلغاء هذا الوعد المشؤوم،وتحمل مسؤولياتها التاريخية والسياسية والأخلاقية،فهذا الوعد المشؤوم،لم ينتج عنه نكبة واحده لشعبنا،بل استتبعها نكبات كثيرة،فشعبنا في الخارج حتى في مخيمات اللجوء ،لم يسلم من القتل والتشريد،ومخيمات سوريا وبالذات اليرموك خير شاهد ودليل على ذلك،وكذلك لبنان،فمأساه أهالي مخيم نهر البارد قائمة حتى اللحظة،وفي العراق كان نصيب شعبنا نتيجة الحروب المذهبية والطائفية وإحتلال العراق،القتل والطرد والتهجير،وشعبنا في قطاع غزة يعيش في أوضاع شبيهة بالقرو وسطية،حيث البنى التحتية المدمرة والطاقة والكهرباء المقننة،والحصار المستمر،وعجلة الإعمار الدائرة ببطء شديد،وأكثر من (70) ألف مواطن ممن دمرت الحرب العدوانية الأخيرة منازلهم،ما زالوا في مراكز الإيواء،والنقص في الأدوية والخدمات الطبية والصحية،والبطالة والفقر بلغت أرقام قياسية،أكثر من (70)% من الشعب هناك يعيشون على الإغاثة والإعانات،والقدس أهلها تمارس بحقهم ليس فقط عقوبات جماعية،بل يتعرضون لسياسة تطهير عرقي من اجل إحداث تغيير كبير في الواقع الديمغرافي لصالح المستوطنين،والضفة الغربية تغرق بالمستوطنين،لكي يكونوا دولة داخل دولة، والداخل الفلسطيني- 48 – لم يسلم من مشاريع التهويد،حيث مشروع "برافر" التهويدي للنقب،والنكبة إستولدت نكبات متوالية،ما زال شعبنا يدفع ثمنها دماً وتضحيات ولجوءاً وتشرداً وبعداً عن أرضه التي ولد فيها وترعرع عليها،ما زالت بريطانيا والمجتمع الدولي الظالم يتنكرون لحق شعبنا في الحرية والإستقلال،والعيش بحرية وكرامة في وطن مستقل،علينا ملاحقة بريطاني في كل المحافل الدولية وتأليب الرأي العام عليها في بريطانيا وأوروبا والعالم الغربي والعربي والإسلامي،لكي تصدر ليس فقط اعتذاراً،بل وعداً مضاداً يؤكد على حق شعبنا في دولة مستقلة،وحق لاجئينا بالعودة الى أرضهم التي شردوا منها، وفي الذكرى المئوية لهذا الوعد لتكن شعاراتنا المرفوعة وحملتنا ونشاطاتنا مكثفة ومركزة على "نعم لمحاكمة بريطانيا الإستعمارية"
و"لتتحمل بريطانيا الإستعمارية مسؤولياتها التاريخية والسياسية والأخلاقية عن نكبات شعبنا ومآسيه" " بريطانيا ملزمة بدفع تعويضات لشعبنا لمئة عام قادمة" و "بريطانيا ملزمة بتصحيح خطئها التاريخي وتمكين شعبنا من إقامة دولته المستقلة على أرضه المغتصبة".
0 comments:
إرسال تعليق