رئيس المركز الدولي للملكية الفكرية والدراسات الحقوقية - فِكر
يُعتبر العَلم رمزاً وطنياً وليس فقط قطعة قماش أو صورة ترفع هنا أو هناك.
وفي هذا السياق، ورد في الملحق رقم 4 (مراسم رفع العلم اللبناني) للمرسوم رقم 4081 تاريخ 14/10/2000، أنه يحظر رفع أعلام باهتة اللون أو في حالة تمزق.
كما يرفع العلم اللبناني يومياً من شروق الشمس حتى غروبها على جميع أبنية الدولة الرسمية وعلى مباني مراكز الحدود البرية وعلى المطارات والمرافئ البحرية.
وهنا، نشير إلى أن المادة ٣٨٤ من قانون العقوبات تنص على ما يلي: " من حقّر رئيس الدولة عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين. وتفرض العقوبة نفسها على من حقّر العلم أو الشعار الوطني علانية بإحدى الوسائل المذكورة في المادة ٢٠٩ ".
وتنص المادة ٢٠٩ من القانون عينه على أنّ: " تعد وسائل نشر:
١- الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل.
٢- الكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقلا بالوسائل الآلية بحيث يسمعها في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل.
٣- الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو أكثر ".
وقد تناولت المادة 157 من قانون القضاء العسكري حرّية التعبير وفرضت ضوابط لها بحيث أنزلت عقوبة الحبس بحق كل شخص يقدم بإحدى وسائل النشر المذكورة في المادة 209 من قانون العقوبات على تحقير العلم أو الجيش أو المسّ بكرامته وسمعته أو معنوياته...
وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن المادة 118 من قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي رقم 81/2018 انطوت على تعديل لنص البند الثالث من المادة 209 من قانون العقوبات لتصبح على الشكل التالي: " الكتابة والرسوم واللوحات والصور والافلام والشارات والتصاوير على اختلافها إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو أكثر أياً كانت الوسيلة المعتمدة لذلك بما فيها الوسائل الالكترونية ".
وفي كافة الأحوال، يقتضي الإشارة إلى الأهمية الرمزية للعلم، وهو رمز البلاد وسيادتها. مع الأخذ بعين الاعتبار القصد الجرمي ومدى توافره، وهو النيل والحط من المبادئ التي يجسدها العلم.
وفي هذا السياق، نشير إلى أنه، على سبيل المثال، اعتبرت محكمة التمييز الجزائية-الغرفة السادسة في قرارها رقم 44/1998 تاريخ 24/2/1998، أنه في المنشورات المضبوطة والمنسوب توزيعها للمدعى عليه ما يحمل شعارات ورسوم من شأنها في حال ثبوت نسبتها إليه أن تؤلف جرم التحقير بالعلم اللبناني.
بالمقابل، اعتبر القاضي المنفرد الجزائي في بيروت في حكمه الصادر بتاريخ 29/11/2019، أنه، بخلاف رأي النيابة العامة التي رأت أن مجرد كتابة عبارات على العلم تشكل تحقيراً له، فإن العلم ليس سوى رمز وأن أهميته ليست بذاته انما بالمعاني التي يجسدها، وهي معاني الشرف والكرامة والحرية ومبادئ الاعتزاز والفخر بالانتماء الوطني. انطلاقاً من ذلك، تم ابطال التعقبات بحق المدعى عليه، بعدما اعتبرت المحكمة أن فعل المدعى عليه يندرج في إطار التعبير السلمي عن الواقع المعيشي في لبنان ووضعته في صورة الدفاع عن أحد المبادئ التي يجسدها العلم اللبناني، وهي العيش بكرامة. وأكثر، اعتبر هذا الحكم أنه يقتضي وجود عنصرين أساسيين لإثبات الجرم على المدعى عليه، وهما العنصرين المادي والمعنوي. وقد لفتت المحكمة بأن " العنصر المادي يتمثل في سلوك يصدر عن المدعى عليه يقوم بموجبه بتوجيه عبارة، إشارة، حركة أو رسم ما من شأنه أن ينال من المبادئ والمعاني أعلاه…". وأما العنصر المعنوي " فيتوفر في كل مرة يكون فيها القصد الجرمي واضحاً أي الإرادة الصريحة متوافرة للنيل والحط من المبادئ التي يُجسدها العلم بالنسبة للدولة والمواطنين تجاه الغير كما تجاه أنفسهم". وفي خلاصة هذا الحكم، تم ابطال التعقبات المساقة في حق المدعى عليه بالنسبة للجنحة المنصوص عليها في المادة 384 من قانون العقوبات.
باختصار، العلم هو الرمز القيمي للوطن ولا يجوز تحقيره أو تشويه عامة.
0 comments:
إرسال تعليق