إن حكام وقادة وشعوب الشرق الأوسط يحتاجون إلى أخذ العبر والدروس من القمم الهامة التي عقدت في السعودية بحضور الرئيس الأميركي ترامب، والتي وصفت بأنها كانت ناجحة جداً في تشخيص العلل والاعتراف بمسبباتها كافة، ووضع رؤية مستقبلية وعقلانية وعملية وواضحة ومنطقية لمواجهة مخططات الإرهاب والغزاة والمتطرفين وأصحاب المشاريع العسكرية الاستعمارية والتوسعية في المنطقة، وتحديداً الإرهاب الملالوي الفارسي المذهبي المتفشي كالسرطان.
من أهم هذه العبر وأبلغها أن العداء ومفاهيم الكراهية والحقد لا تبني السلام، ولا تؤمن له الاستقرار، ولا تمهد له، بل على العكس هي تزيده تأججاً وتساعد في انتشاره وتقوي من وقاحة وفجور وإجرام ودموية وأطماع ومخططات كل من يلجأ إلى التسويّق له والاستفادة منه.
كما أن ثقافة العداء والكراهية والتقوقع ورفض الآخر التي تسمم وتفخخ وتدمر المناهج التعليمة الابتدائية والثانوية والجامعية في العديد من دول المنطقة هي انتحارية 100%، وغالباً ما تنقلب على أصحابها وعلى الشعوب وتغرقهم في أوحالها وتضعهم في غربة قاتلة عن كل مقومات السلام والتقدم والحضارة، وعن كل من يسعى لهم أكان من داخلها أو خارجها.
من هنا فإن محاربة الإرهاب والتطرف والمتطرفين والإرهابيين والأصوليين والجهاديين أكانوا من الداخل أو من الخارج لا تنجح فقط عن طريق استعمال القوة العسكرية، وإن كانت القوة ضرورية وحتمية في مراحل معينة، بل هي تنجح وتستمر وتقوى وتدوم عن طريق تعميم مناهج ثقافة المحبة والانفتاح وقبول الأخر واحترام شرعة حقوق الإنسان..
ومع التركيز الرئيسي والأساسي على المناهج التعليمية بكافة فروعها ومستوياتها، يأتي أيضاً واجب الحكام والمسؤولين والمثقفين ورجال الدين وضع ضوابط فاعلة لوسائل الإعلام كافة التي تسوّق للإرهاب وللإرهابيين وللفوضى والحروب وتنشر ثقافة الحقد والكراهية تحت رايات الجهاد والتحرير ومخططات التوسع العسكرية، كما هو حال النظام الإيراني التوسعي..
ومع ثقافة المحبة تأتي واجبات الحكام بتأمين مناخات الحرية والعدل والمساواة والعيش الرغيد لشعوبهم.
كما أن من أهم الكوابح المطلوبة للجم الإرهاب والإرهابيين يكمن في منع رجال الدين على المستوى الفردي ونهائياً من إصدار الفتاوى وتشريعات التحليل والتحريم المزاجية والمصلحية، كما هو الحال الخطير والإستنسابي المتفلت في هذا السياق حالياً في غالبية دول الشرق الأوسط، وحصر المسؤولية بإصدارها فقط بمرجعيات متخصصة ومسؤولة وأكاديمية وعلمية.
ولأن معظم دول الشرق الأوسط لم تكن محصنة بثقافة المحبة والانفتاح والحقوق والمساواة والعدل والعيش الرغيد وقبول الآخر وبمفاهيم الحريات والديمقراطية تمكن الإرهاب المحلي والإيراني على حد سواء من اخترقها وزعزعة كياناتها وتسبب بتعاسة وهجرة وإفقار شعوبها.
اليوم وبعد أن وصل الحال في دول الشرق الأوسط إلى ما وصل إليه من فوضى وحروب وتقاتل وفقر، فإن المرجو من القمم التي عُقدت في السعودية أن تصحح المسارات بجرأة ومسؤولية ليصبح الهدف النهائي والإلزامي هو السلام والتعايش بين دول المنطقة كافة ودون أية استثناءات، ووضع حد علمي ونهائي ودائم للمناهج التعليمية التي تبث الحقد والكراهية ورفض وقتل الآخر المختلف مجتمعياً أو قومياً أو عرقياً أو مذهبياً.
0 comments:
إرسال تعليق