مَثَـلٌ طالما سمعناه حين يحاول شخص ما القيام بأمر معين ليس من اختصاصه فيقال له : "أعط الخبز لخبازه" .
وكما لمعظم قواعد اللغة شواذها فلوقائع الحياة شواذها أيضاً، ولم يكن جان لويس رودولفي آغاسيز ممن ينطبق عليهم هذا القول. لقد كان الرجل عالما متخصصاً بالأحافير السمكية، ولكنه أبدى رأياً ، بل أسس لنظرية علمية تتعلق بالجيولوجيا، فأهين من قبل الجيولوجين في حينه، حتى أنهم، ومن باب التندر عليه، والهزء بنظريته الجديدة الغريبة وغير المعقولة في نظرهم، نصحوه بالعودة إلى اختصاصه وعدم الاقتراب من علم الجيولوجيا، واستمروا في تدريس نظريتهم هم.
لغاية بداية القرن التاسع عشر لم تكن الجيولوجيا ظاهرة علمية ملفتة ذات مغزى، ولكن منذ ذلك الحين ، بدأ عدد من العلماء يدرسون المادة الصخرية ويطلقون نظريات وتخمينات حول عمر الأرض، وبدأوا يخطون خطواتهم الأولى حول دور البراكين والرياح والمياه الجارية في تشكيل قشرة الأرض.
إحدى النظريات العلمية التي اتفق عليها علماء الجيولوجيا آنئذٍ هي تقريرهم بأن الكميات الهائلة من مزيج من الحجارة المتفاوتتة الأحجام المتراكمة على الأرض هي نتيجة طوفانات عظيمة اجتاحت تلك المناطق. ولكن آغاسيز ، عالم الأحافير السمكية لم يوافقهم على نظريتهم، ودحضها علمياً ، رغم أنها ليست من ضمن اختصاصه، كما سبق ذكره آنفاً.
أثبت آغاسيز نظريته الجديدة حين صعد إلى جبال الألب ولاحظ بثاقب بصيرته وتجاربه العلمية الحركة الجبارة للكتل الجليدية، إنما البطيئة، ولاحظ كيف تحمل معها كتل الحجارة المتفاوتة الأحجام، والتي كان يسميها الجيولوجيون الجرف. عدد من العلماء في أوروبا وأميركا أعجبوا بنظرية آغاسيز، وبعد نقاشات ونشر أبحاث ودراسات مطولة أقروا نظريته بالحجة والبرهان العلميين.
0 comments:
إرسال تعليق